سلسة تراجم الأمام الغزالي من كتب التاريخ والطبقات والتراث.

يسر موقع الغزالي أن يقدم لمتصفحى الموقع والباحثين أن يقدم ترجمة الأمام من كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب

احداث :

سنة ثمان وثمانين وأربعمائة قدوم الإمام الغزالي دمشق وتصنيفه الأحياء. أبو الفضل بن خيرون. بدر الأرمني ؛ فيها قدم الإمام الغزالي دمشق متزهداً وصنف الأحياء وأسمعه بدمشق وأقام بها سنتين ثم حج ورد إلى وطنه.

احداث :

سنة خمس وخمسمائة عبد الله بن الأبنوسي. علي بن محمد العلاف. الإمام الغزالي ؛ فيها توفي أبو محمد بن الأبنوسي عبد الله بن علي البغداد الوكيل المحدث أخو الفقيه أحمد بن علي سمع من أبي القاسم التنوخي والجوهري وتوفي في جمادى الأولى.

 

ففيها الإمام زين الدين حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي أحد الأعلام تلمذ لإمام الحرمين ثم ولاه نظام الملك تدريس مدرسته ببغداد وخرج له أصحاب وصنف التصانيف مع التصون والذكاء المفرط والاستبحار في العلم وبالجملة ما رأى الرجل مثل نفسه توفي في رابع عشر جمادى الآخرة بالطابران قصبة بلاد طوس وله خمس وخمسون سنة. والغزالي هو الغزال وكذا العطاري والخبازي على لغة أهل خراسان، قاله في العبر، وقال الأسنوي في طبقاته الغزالي إمام باسمه تنشرح الصدور وتحيا النفوس وبرسمه تفتخر المحابر وتهتز الطروس وبسماعه تخشع الأصوات وتخضع الرؤس ولد بطوس سنة خمسين وأربعمائة وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في حانوته فلما احتضر أوصى به وبأخيه أحمد إلى صديق له صوفي صالح فعلمهما الخط وأدبهما ثم نفد منه ما خلفه أبوهما وتعذر عليه القوت فقال لكما أن تلجآ إلى المدرسة قال الغزالي فصرنا إلى المدرسة نطلب الفقه لتحصيل القوت، فاشتغل بها مدة ثم ارتحل إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرجان ثم إلى إمام الحرمين بنيسابور فاشتغل عليه ولازمه حتى صار أنظر أهل زمانه وجلس للأقراء في حياة إمامه وصنف، وكان الإمام في الظاهر يظهر التبجح به وفي الباطن عنده منه شيء لما يصدر منه من سرعة العبارة وقوة الطبع، وينسب إليه تصنيفان ليسا له بل وضعا عليه وهما السر المكتوم والمضنون به على غير أهله، وينسب إليه شعر فمن ذلك ما نسبه إليه ابن السمعاني في الذيل والعماد الأصبهاني في الخريدة :

حلت عقارب صدغه في خده                           قمراً فجل به عن التشبيه

ولقد عهدناه يحل ببرجها                               فمن العجائب كيف حلت فيه

وأنشد العماد له أيضاً:

هبني صبوت كما ترون بزعمكم                       وحظيت منه بلثم ثغر أزهر

إني اعتزلت فلا تلوموا أنه                              أضحى يقابلني بوجه أشعري

فلما مات إمامه خرج إلى العسكر وحضر مجلس نظام الملك وكان مجلسه محط رحال العلماء ومقصد الأئمة والفصحاء فوقع للغزالي أمور تقتضي علو شأنه من ملاقاة الأئمة ومجاراة الخصوم اللد ومناظرة الفحول ومناطحة الكبار فأقبل عليه نظام الملك وحل منه محلاً عظيماً فعظمت منزلته وصار اسمه في الآفاق وندب للتدريس بنظامية بغداد سنة أربع وثمانين فقدمها في تجمل كبير وتلقاه الناس ونفذت كلمته وعظمت حشمته حتى غلبت على حشمة الأمراء والوزراء وضرب به المثل وشدت إليه الرحال إلى أن شرفت نفسه عن رذائل الدنيا فرفضها واطرحها وأقبل على العبادة والسياحة فخرج إلى الحجاز في سنة ثمان وثمانين فحج ورجع إلى دمشق واستوطنها عشر سنين بمنارة الجامع وصنف فيها كتباً يقال أن الاحياء منها ثم صار إلى القدس والإسكندرية ثم عاد إلى وطنه بطوس مقبلاً على التصنيف والعبادة وملازمة التلاوة ونشر العلم وعدم مخالطة الناس ثم إن الوزير فخر الدين بن نظام الملك حضر إليه وخطبه إلى نظامية نيسابور وألح عليه كل الإلحاح فأجاب إلى ذلك وأقام عليه مدة ثم تركه وعاد إلى وطنه على ما كان عليه وابتنى إلى جواره خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين ولزم الانقطاع ووظف أوقاته على وظائف الخير بحيث لا يمضي لحظة منها إلا في طاعة من التلاوة والتدريس والنظر في الأحاديث خصوصاً البخاري وإدامة الصيام والتهجد ومجالسة أهل القلوب إلى أن انتقل إلى رحمة الله تعالى وهو قطب الوجود والبركة الشاملة لكل موجود وروح خلاصة أهل الإيمان والطريق الموصلة إلى رضا الرحمن يتقرب إلى الله تعالى به كل صديق ولا يبغضه إلا ملحد أو زنديق قد انفرد في ذلك العصر عن أعلام الزمان كما انفرد في هذا الفصل فلم يترجم فيه معه في الأصل لإنسان. انتهى كلام الأسنوي ، وقال ابن قاضي شهبة ومن تصانيفه البسيط وهو كالمختصر للنهاية و الوسيط ملخص منه وزاد فيه أموراً من الإبانة للفوراني ومنها أخذ هذا الترتيب الحسن الواقع في كتبه و تعليق القاضي حسين و المهذب واستمداده منه كثير كما نبه عليه في المطلب ومن تصانيفه أيضاً الوجيز و الخلاصة مجلد دون التنبيه وكتاب الفتاوى له مشتمل على مائة وتسعين مسئلة وهي غير مرتبة وله فتاوى أخرى غير مشهورة أقل من تلك وصنف في الخلاف المآخذ جمع مأخذ ثم صنف كتاباً آخر في الخلاف سماه تحصيل المأخذ وصنف في المسئلة السريجية مصنفين اختار في أحدهما عدم وقوع الطلاق وفي الآخر الوقوع وكتاب الاحياء وهو الأعجوبة العظيم الشأن وبداية الهداية في التصوف والمستصفى في أصول الفقه والجام العوام عن علم الكلام والرد على الباطنية ومقاصد الفلاسفة وتهافت الفلاسفة وجواهر القرآن وشرح الأسماء الحسنى ومشكاة الأنوار والمنقذ من الضلال وغير ذلك انتهى وذكر الشيخ علاء الدين علي بن الصيرفي في كتابه زاد السالكين أن القاضي أبا بكر بن العربي قال رأيت الإمام الغزالي في البرية وبيده عكازة وعليه مرقعة وعلى عاتقه ركوة وقد كنت رأيته ببغداد يحضر مجلس درسه نحو أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم قال فدنوت منه وسلمت عليه وقلت له يا إمام أليس تدريس العلم ببغداد خير من هذا قال فنظر إلى شزرا وقال لما طلع بدر السعادة في فلك الإرادة: أو قال سماء الإرادة -وجنحت شمس الوصول- في مغارب الأصول

تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل                      وعدت إلى تصحيح أول منزل

ونادت بي الأشواق مهلاً فهذه                          منازل من تهوى رويدك فأنزل

غزلت لهم غزلاً دقيقاً فلم أجد                         لغزلي نساجاً فكسرت مغزلي

انتهى.

 

موقع الغزالي      -        موقع الفلسفة الإسلامية